يقول سيدنا المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم فيما صحّ في الحديث: {مَثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمِهم وتعاطُفهم مَثَلُ الجَسد الواحد، إذا اشتكى منه عضوٌ تَداعى له سائرُ الجَسد بالسَّهر والحُمَّى}.
خلق الله آدم من تراب ونفخ فيه من روحه وخلق منه زوجه ثم بث ذريّتهما شعوبا وقبائل مُختلفًا ألوانها وألسنها،ووجّههم على مطلق مبدأ التنوع والتّمايز من خلال رسالة شرائع الإسلام إلى أصلهم الواحد الذي تفتّقت عنه ذرات التوحيد ” كُلُّكُمْ مِنْ آدَم وَآدَمُ مِنْ تُرَابْ”، فحثّ صرح الإنسانية القائمة بِمَظْهَرِ بَنِيهِ على التوادّ لما فيه من وصل سريان الروح الذي عقد الصّلة التامة بين الأعضاء حتى عادت جسما، ثم عزّزه بالتّراحم والتّعاطف كمشاركة وجدانية ناتجة عن الانفعال النبيل الذي مقصده مدّ الأجساد بشروط الحياة التي تحفظ صفاء الفطرة مادّيا في جميع الظروف المتردّدة بين الضّعف والغلبة والعجز ومعنويّا بين السعادة والعيش والشقاء ، ليكون مسمّى الخلق الفعلي لهذا العلم الباطني ” العطاء”.
هكذا يلزم فقراء الزاوية الكركرية بتربية مولانا الشيخ سيدنا محمد فوزي الكركري قدّس الله سرّه أدب التأسّي بأثر نَفَس سيد الوجود مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتقصّي حقائق لطافة فطرة رحمة الله في العالمين ،حيث يخرج فيها المريد من خلوة العلم والمعرفة عن مشاهدة إلى جلوة الفعل والعمل عن معاينة ، يشارك فيها المحيط الاجتماعي ويسهم في إتمام نقصه بتطهيره مرآة نفسه من أدناس الرذائل الخلقية والسلوكية وتنقيتها من سوءة الأنانية ومذمّة الجفاء ووصْمة الشحّ .ليرتقي بالفهم عن الله في معارج الكمال بين رياض الجلال وحياض الجمال.
فبعد المبادرات المتتالية التي أقدمت عليها الزاوية الكركرية في ربوع البلدان الإفريقية والتي شملت عديدا من المجالات مساهمة بذلك في تعزيز منظومة التنمية والإصلاح ، شهدت اليوم جمهورية السنغال وتحديدا في مدينة MBOUR مظهرا إنسانيا آخر مؤصلا لقيم التعاون والمحبّة والاندماج حيث قام مريدو الطريقة الكركرية بتوزيع قفف غذائية في القريتين SIIW و TARKASS حيث لا يزال يعاني أهاليهما بشدة من نقص الغذاء عقب الأزمة الاقتصادية التي شهدها العالم وخاصة مواطن الفقر المعوز خلال حجر فيروس كوفيد 19.
مساهمة خيرية تلقت بالغ الحفاوة والتقدير من ساكنة القريتين الذين أشادوا بجهود فقراء الزاوية الكركرية بجمهورية السنغال وعملهم الدءوب في سبيل خط رسم الفرح على محيّا وجوه الضعفاء وضخ وسيلة الأمل ونسائم الرجاء بين أبناء الساكنة طيلة الأزمة وما واكبها من تدهور في البنية الاجتماعية على الصعيد الأخلاقي والسلوكي، الشيء الذي وطّد لهم صدق المنهج التربوي ومدى اتصال منبعه بعين الرحمة الربّانية التي لا يشقى بها طالب الحياة الطيبة.
شكر وتقدير حظي به مريدو الزاوية الكركرية نيابة عن مولانا الشيخ سيدنا محمد فوزي الكركري قدّس الله سرّه المربّي الذي صدّق الكُنْه الفّعلي والرّصيد العملي حكمته حيث يقول ” هِمَّةُ الشّيْخِ تَظْهَرُ فِي مُرِيدِيه” ، ليسعد بمنهج تربيته الروحية وسند تلقينه العرفاني مريدوه وتشمل بركة السير محيطهم الاجتماعي فيتحقّق المريد بالعلم وما حواليه بالسّلم.