عرف التاريخ المغربي إسهاما كبيرا للزوايا التي لم يقتصر دورها على الجوانب التربوية والعلمية، بل تعدّاها إلى القيام بوظائف اجتماعية واقتصادية وحتى سياسية تمثلت في جهود الرباطات الصوفية والزوايا في ميادين المقاومة والذود عن حمى الوطن وحضورهم الفعّال في ظل مواجهة نتائج الكوارث الطبيعية ومخلفات الأزمات الحالكة، ليكون بذلك تجليّا كامل المشاهد لمعنى الدين الشامل لجميع مناحي الحياة، ومن بين الشخصيات الصوفية الوازنة التي سجل لها التاريخ مناقب الدور الروحي والتربوي الكفاحي الجامع بين الجهاد الأكبر وهو مجاهدة النفس سعيا إلى تزكيتها عبر مراتب الصفاء ،كذا الجهاد الأصغر وهو المقاومة ضدّ العدوّ ومواجهة تحدّيات العصر، شيوخ ورجال الطريقة الدرقاوية التي تحركت في بنياتها آليات المقاومة ونخصّ بالذكر منهم الجدّ الثالث لشيخنا سيدي محمد فوزي الكركري قدس الله سرّه فريد عصره ومربّي شيوخ الجهاد مولانا سيدي محمد بن قدّور الوكيلي رضي الله عنه خامس شيوخ سند الطريقة الكركرية الشريفة والذي تتلمذ على يد الشيخ عبد القادر مولاي الباشا تلميذ مولاي العربي الدرقاوي مؤسس الطريقة الدرقاوية الشاذلية فتصدّرت زاويته برباط كركر للجهاد والمجاهدة والتربية ونشر العلم الشرعي وعلوم القرآن وحراسة البلاد وترسيخ محبة الوطن في قلوب العباد وتوفير الأمن ولقبائل المنطقة الشرقية
على هذا الأثر وبهذه القيم جدّد مولانا شيخ الزاوية الكركرية سيدي محمد فوزي الكركري قدّس الله سرّه سند الطريق الصوفي بأصول التعرف للحق وشعب التأدب مع الخلق، لتتولّد مبادرات العمل المفعّلة لجوهر محصول العلم.
مثال هذه المبادرات هو ما شهدته جمهورية الهند بولاية BIHAR، حيث نظمت الزاوية الكركرية بمريديها حفل توزيع مؤونة المواد الغذائية على سكان قرية KATIHAR التي تعرضت للفيضانات والتي كلّفت خسائر مادية ومعنوية كبيرة ليصل عدد المستفيدين خمسين عائلا للأسر ، استطاع كلهم الاستفادة من قفف التضامن المستعجل ،في إطار الاستجابة لنداء الواجب الديني الإنساني وإحياء لرمزية الدور الذي تلعبه الزوايا الصوفية في المملكة المغربية في مواجهة الأزمات الاقتصادية والكوارث الطبيعية من إيواء ابن السبيل وإعالة العاجز وحمل الضعيف حسب القدرة والاستطاعة واتباعا لهدي صاحب الوسيلة والشفاعة.
هكذا احتف ساكنة قرية KATIHAR بمريدي الزاوية الكركرية الذين أتوا ملبين داعي الإخاء والتضامن في جوّ تملؤه المحبّة ومشاعر الثقة والأمل ، مبادرة تخلّلها الذكر ورفع الأيادي بالشكر والثناء لما ساهمت من خلاله في بث الأمن وربط جسر التواصل الاجتماعي وتفعيل دور الفرد في إحاطته الاجتماعية والتي تعمّق بؤرة الانسجام والتعاون التشاركي المثمر لقيم الإنسانية والمواطنة الإيجابية.
مساهمة أثر عنها في قلوب المريدين بالهند تذوّق معنى قوله صلّ الله عليه وآله وسلم ”لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه” التي لم يكن لهم إليها سبيل إلا بعدما سلكوا بحكمة الشيخ المربي سيدنا محمد فوزي الكركري قدس الله سره ” استحقر نفسك وعظّم غيرك ”.
0 905 2 دقائق