حرصت الشريعة الإسلامية الغرّاء على الاهتمام باليتامى وإحاطتهم بحسن الرعاية الجسمية والنفسية والاجتماعية مع المحافظة على حقوقهم المعنوية و المادية تحرّيا لاستقلاليتهم مع بلوغ سنّ الرّشد وتعهدا لانخراطهم الإيجابي في بناء المجتمع وفق المبادئ الفاضلة والقيم الأخلاقية الوازنة، فأضفت على قربان التعبّد بالإحسان إليهم حلّة الإكرام تنزيها لمقامهم عن المذلّة وتربية على الاحترام ووضعت أسُسا تغذي حرمانهم بتلوّنات الدّعم والسّند متجاوزة بذلك منطلق الشفقة الإنساني إلى المحبة المستمدّة من الأمر الإلهي ” فَأمَّا اليَتِيمَ فَلَا تَقْهَر ” لتكوّن بذلك نسيجا يعمل على شدّ صرح المجتمع بلبنة مستوية طينتها صالحة لمواصلة مسيرة البناء والتنمية ومواكبة تحدّيات ورهانات التقدّم مع ثبات الأصل ورسوخ الهويّة.
هكذا أفصحت الزاوية الكركرية بجمهورية بنين بلسان الحال تفعيلا للآي القرآني وسيرا به في النّاس في معرض ممسّ حاجتهم بعد أوّل مبادراتها التي عنت بتوزيع المصاحف الشريفة المفسّرة على المدرسة القرآنية التابعة لقرية SAWO والتي تضم عددا مهمّا من الأطفال و الشباب ذكورا وإناثا يسهر حملة كتاب الله عزّ وجلّ من شيوخ العلم ومريدي الطريقة الكركرية على حفظه وتدريس علومه ، حيث قام مريدو حضرة مولانا الشيخ سيدنا محمد فوزي الكركري قدّس الله سرّه الشريف بمدينة Malanville الواقعة شمال شرق جمهورية بنين بتنظيم مبادرة إنسانية اجتماعية تربوية كان القصد منها الاحتفال بالأطفال اليتامى وإدخال السرور عليهم من خلال فقرات تنشيطية وأخرى تربوية هادفة تخللها مأدبة إطعام ليختتم الحفل بتلاوة آيات من الذكر الحكيم ورفع الدعاء الصالح للبشرية والمسلمين وخاصة الأطفال في كافة المدن والبلدان.
مبادرة استفاد منها مباشرة أكثر من 300 يتيم إضافة إلى الراشدين الذين اجتمعوا بهمّة الإحسان على استصلاح ما فسد من القلوب بسوء القطيعة وإدبار الأرحام ليكون لهم أثرا فعليّا تستخلص فيه الآيات البينات مدادها في الوجود لتتحول الأحرف القدسية إلى جوارح ناسخة للإرادة الفعلية على المستوى السلوكي استجابة لمطلب المعاتبة الربّانية في قوله تعالى ” بَلْ لَا تُكْرِمُونَ اليَتِيم ” .
نهج سير سلوكي نوراني يتربى عليه فقراء الزاوية الكركرية على يد حضرة مولانا الشيخ المربّي سيدي محمد فوزي الكركري قدّس الله سرّه بإسقاط الكلم القرآني على الذوات خطابا موجّها يزكي مدارك استيعاب ذوقية العبودية بالعمل ويرقي مشارب التعرف لحضرة الربوبية بالعلم حتى تنعكس بذلك حقائق تنزّل ” طَهَ مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ القُرْآنَ لِتَشْقَى ” على مرآة المحيط الاجتماعي فتنبت ثمار مظاهر الحياة المتنوع لونها والطيب أكلها