الزاوية الكركرية في النيبال ومساواة استصلاح القرى بين النساء والرجال
يقول الله تعالى في محكم التنزيل (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) 97 النحل
حثت الحنيفية السمحة على فعل الخيرات دعوة إلى استثمار مكارم المعاملات الإنسانية في تدعيم أواصر الصلة والتواصل وإثراء حياض التآلف والتكافل انطلاقا من معنى حقيقي يجسده حديث المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ” كلكم من آدم وآدم من تراب ”، فجعل بذلك أفراد المجتمعات أعضاء جسد واحد ، يتداعى فيه الكل للصالح الشمولي والمنفعة العامة التي تضمن تحقيق السعادة واستمرارية الحياة بفطرة السلام .
وكما لا يخفى على عاقل أهمية التطوع للعمل الصالح ومدى تأثيره وفعاليته فكذلك كانت مشاركة النساء في مضمار التنمية والإنماء بمكان لما جبلها الله عليه من قدرات عاطفية وسمات شخصية ونفسية تجعل منها منبعا للرحمة وعاملا مميزا في نشر الطمأنينة وتغيير محيط المجتمع للأفضل بصدق التفاني والتوجه مع التضحية بوقت العمر ونفيس المال، وقد ترك لنا التاريخ الإسلامي نماذج مشرقة لنساء شامخات تركن أثر الاقتداء ورائهن مسطورا ، ينهل منه الخلف من الصالحات ” ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ”.
على مثل هذا الطراز التربوي الخصب والمعاني الذوقية السلوكية عن المشرب العذب تتربى مريدات الزاوية الكركرية في أنحاء العالم ، متميزات باختلاف باقة مجالات عملهن الصالح المنطلق من استصلاح ذواتهن إلى محيطهن الأسري حتى يبلغ ذلك محورهن الاجتماعي لينفلق عن جهود بلغت القرى السحيقة المجهولة في جمهورية نيبال الديمقراطية الاتحادية.
هكذا شهدت اليوم إحدى القرى المهمشة الواقعة بمدينةGAUR التابعة لمنطقة RAUTAHAT بجمهورية نيبال مبادرة خيرية بيئية بذلتها الزاوية الكركرية الأم بالعروي تحت إشراف إحدى مريداتها الممتثلات أثر نجوم الاهتداء ، رغبة منها في إدخال السرور والفرح ورفع الكرب والشدة عن المستضعفين المُغَرَّبِين ، حيث تم تدشين أوّل بئر ماء صالح
للشرب في المنطقة والذي تم حفره بمساعدة بعض فقراء الطريقة الكركرية ليكون محفلا اجتمعت عليه الأهالي مودّعة به عهد الشقاء اليومي في طلب أوجه السّقاء مع جهود معالجة المياه السطحيّة وما أثر عنها في الأحيان من الأمراض المعوية والإصابات الناجمة عن رحلات البحث عنها.
مبادرة توجّت رؤوس نساء الزاوية الكركرية ومريدات النسبة بجميل عرفان وتقدير أهالي القرية للشيخ المربي سيدنا محمد فوزي الكركري قدّس الله سرّه على صالح تربيته لهن ولهذا الجيل الذي يعقد سلوك التعرف إلى الله بمراقبته محيط حقوق الإنسان على بصيرة مواهب نور الإيمان ، ليكون بمثابة تجديد لسير سالف النساء العارفات اللواتي شجعتهن السيرة النبوية العطرة والتربية الصوفية المسندة على الرقي بدائرة معاني ” كنتم خير أمّة”.