الزاوية الكركرية بجمهورية الكونغو الديمقراطية
اهتمت الشريعة الإسلامية بجانب المعاملات والأخلاق أشد الاهتمام حتى جعلته مدار الدين ،حيث قال المصطفى صلى الله عليه وسلم ” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ” وحينما حصرته فئة في مدار الأحكام المتعلقة بالعبادات التي استوعبت اثنين في المائة من القرآن الكريم ،كان أئمة التصوف يسلكون بمريديهم إلى المنهل الأصل فأطلقوا تقييد مفهوم العبادة وجعلوها عنوان علة الوجود الذي لا يدرك مقتضى محوره القائم على الحق والخلق إلا بسبر أغوار محاسن الأخلاق وغوص كوثر آداب المعاملة والذي حيي به من أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين فأنضج ثمار المجتمع المعتضدة أواصره والقويمة أهدافه.
وكما عنت الحنيفية السمحة بجميع أفرادها وقيم أخلاقياتهم المبنية على حالتهم السوية وتربيتهم النفسية ،فقد قررت أولوية ذوي الاحتياجات الخاصة في التمتع بكامل حقوقهم والعمل على قضاء حوائجهم عن غير تعريض بالنقص بل تخويلا لهم للإسهام في بناء المجتمع والحضارة الكونية ، فهذا ابن أم مكتوم رضي الله عنه صحابي جليل جعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مؤذنا و استخلفه مرتين على المدينة مرتين يصلي بهم وكان أعمى ، وذاك عمرو بن الجموح رضي الله عنه قد أذن له في الجهاد وكان أعرجا ، لنستشف دورهم القيادي والتنموي كباقي شرائح المجتمع مع الانفراد بحقوق رفع الحرج والمشقة لعزيز مكانتهم.
تبعا لهذا شهدت جمهورية الكونغو الديمقراطية في قرية Mbankana الواقعة على بعد 150 كيلومترا من العاصمة Kinshasa مبادرة إنسانية قام بها مريدو الزاوية الكركرية ،حيث تبرعوا بدراجة ثلاثية العجلات محلية الصنع لمواطن مسيحي مصاب بداء شلل الأطفال حتى يتمكن من التحرك بسهولة حيثما أراد والحضور لمراسم الصلاة في الكنيسة وملاقاة أهالي القرية والقيام بدوره فيهم ,كما عملوا على توثيق جسر التآخي والتلاحم بين مظهري الشريعتين بتدوين كلمة الإهداء عن الشيخ سيدي محمد فوزي الكركري قدّس الله سرّه إمعانا في رباط الإنسانية المقدّس وثاقه واستخلاصا لفهمهم دروس التزكية المتلقاة عن حضرته حول معاني قول المصطفى صلى الله عليه وسلم { المُؤْمِنُ يَألَف ويُؤلَف، وَلا خَيْرَ فِيمَن لاَ يَألفُ ولا يُؤلَف، وَخَيْرُ النَّاسِ أنْفَعُهُمْ لِلنّاس } ليكون لهم بمرتبة عقد تواصل وتعايش يرسم أفق تفاعلهم مع محيطهم بغض النظر عن صور الانتماء واختلاف العقائد تحقيقا لنفس غايات التكاليف الشرعية الإسلامية التي جعلت وسيلة للتخلق بمكارم الأخلاق المحمدية والتحقق بأدبيات علم الجمع بين بحري الظاهر والباطن الرباني وما يضمنه من العروج لأزلية التقويم.
هكذا ربّى شيخ الطريقة الكركرية سيدنا محمد فوزي الكركري قدّس الله سرّه مريديه في أنحاء العالم على السير بنفس رحمة الله في العالمين استمرارا لكُنْهِ رسالة الإسلام ونشر المحبة التي هي عماد مقام الإحسان والتي عبّر عن ثمرتها الأخ المسيحي المستفيد من مبادرة مريدي الزاوية الكركرية بجمهورية الكونغو الديمقراطية بفرحه وشكره التامّ لجميل التفاتتهم لمراده وحسن عنايتهم بحاجته التي ما كان هذا عهدهم بها لولا سلوكهم التربية الروحية على يد الشيخ المربي مولانا محمد فوزي الكركري قدس الله سرّه الذي رقّاهم بنور الله إلى معرفة كنه روح الإسلام فعكفوا على عظيم حق الخلق.