دار الأيتام الأولى للزاوية الكركرية بجمهورية مدغشقر
يقول رب العزّة والجلال (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَىٰ ) الضحى 6
استهدفت الشريعة الإسلامية مصلحة الإنسان عامّة ،حمايةُ لحقوقه التي بتوفيرها يأمن في محيط استقراره فيبدع ويخصب تطويره لآليات تحقيق التنمية بجميع مراتبها الفكرية والروحية والمادية على أرضية الواقع والتي تعتبر منظومة سير نحو نقطة الرجوع إلى فطرته السليمة مظهر الاستخلاف الذي به يعمّ السلام وتسري المحبة الكونية .
فكان ممّن وجّهت الأنظار إليهم لتحقيق ناموس التكافؤ والاعتدال وأحاطتهم بمشاعر الاطمئنان والإكرام ،تلكم الشرائح الضعيفة في المجتمع والتي لا تقوى على القيام بدورها الطبيعي في المجتمع إلا بدعم مساند من جميع الجهات ،لما تمر به من الظروف الصعبة والقاسية التي فيها من الضعف والحاجة إلى من يقف جوارها بالعطف والحنان والمساعدة المادية والإنسانية ،حتى يشتد عودها النفسي والعاطفي ويستوي رصيدها السلوكي الإيجابي ليكون عونا في نموذج مسار الأمة المرصوص بنيانه بحب الخير للآخر كمثل حبّه للنفس. لذلك جعلت الحنيفية السمحة للأيتام حقوقا على المجتمع ككل، وكفلت لهم شريعة الرحمة كل سبل الرعاية والتربية السليمة لينشئوا في مناخ آمن مثل أقرانهم من الأطفال .
من هذا التميّز الإحساني في الدين الإسلامي واستجابة لروح حديث المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم “أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما” وسيرا على وصية باب مدينة العلم سيدنا ومولانا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرّم وجهه في جملة ما أوصى به ” بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب…… الله الله في الأيتام فلا تعفو أفواههم ولا يضيعن بحضرتكم ”، وضعت الزاوية الكركرية الأم بالعروي حجر الأساس عن طريق مريديها بجمهورية مدغشقر عند قرية Antsogobory لتنطلق عملية بناء دار للأيتام ، والتي لا تبعد كثيرا عن قرية Tsianaloka بمدينة Tuléarالتي ذاع فيها صيت الطريقة الكركرية بمريديها وخدمات الإصلاح الاجتماعية والتربوية والمبادرات التنموية التي أعادت إحياء معالم إفشاء السلام ونشر المحبة عن طريق بذل العلم بالعمل وتحوير الكلام المعرفي إلى ممارسات عملية يصدّق فيها الحال المقال ، ويتزكى بأريجها المحيط الجماعي على أرضية الظاهر لتكون ثمرة انعكاس المجاهدة الفردية الباطنية.
افتتاح مبادرة أولية في جمهورية مدغشقر ستكتمل مع أوّل زهور الربيع لتكون نسيم خيرعلى أهالي القرية الذين فرحوا بفضل الله شاكرين رحمته التي لازالت تسري في قلوب الأمّة الإسلامية والتي تجسدت في اهتمام الشيخ المربّي سيدنا محمد فوزي الكركري قدّس الله سرّه لهذا الركن من شاسع القارة الإفريقية وخاصة التفاتته إلى الفئة العاجزة من المجتمع ، الشيء الذي يعكس مدى حرص تربيته الناجحة للمريدين بعد الصحبة ومراقبة نور الإيمان بعين اليقين على إعلاء أوّل دعائم الدين المبني على مكارم أخلاق سيد الأنبياء والمرسلين مولانا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليتلوه الحرص على المساهمة في إرساء أعمدة الكليات الخمس للشريعة الغرّاء.