يقول مولانا الشيخ سيدنا محمد فوزي الكركري قدس الله سره ” لن تصل إلى الله حتى تحبه, ولن تحبه حتى تحب خلقه, ولن تحب خلقه حتى تنظر لنفسك بعين التقصير والازدراء ولغيرك بعين التعظيم والمحبة, فإن فعلت ذلك خلعت عليك خلعا شتى ”
فأول السلوك بعد معرفة المريد خَبَرَ عِظَمِ المَحبّة ومحاولته تذوقها هو النظر للنفس بعين التقصير في إتيانها حق الخلق المعظم ابتداءا بحبّ الله لهم , حتى يفتح لك باب النظر إليهم توددا والتقرب إليه بهم إحسانا لترى حب الله يسري فيك حينما بذلته إليهم بَذْلَ الخليفة للرّعيّة عوضا عن احتكار الأنا الإبليسي .
والمتتبع لمساهمات الزاوية الكركرية السلوكية في شتى مظاهرها وأقطارها وخصوصا خلال الأزمة العالمية التي سبّبها وباء كورونا ومن قبلها ,الدور الذي طالما لعبته الزوايا في التاريخ الصوفي الإسلامي , وظهر جليّا في السلوك الصوفي المغربي فكانت له فيه الريادة وكان أهل الله من أولياء المغرب لغيرهم قدوة وقادة , يستشف عنه بُعْدَهَا التربوي الفريد المُجَدِّد لقِيَمِ الفطرة السليمة في أبعادها الكونية , تلك القيم التي تحيي إنسانية الفرد وترفعه من عادة عبوديته المنحصرة في المفهوم بالكفاية إلى العبودية العينية التي لا تسقط في مقام الشهود , حتى يصير واعيا بحسّ المنفعة في المجتمع وفاعلا إيجابيا في محيط عوالمه الطينية الأرضية والروحية السماوية , فبعد المبادرة الغذائية المهمة التي ساهمت بها الزاوية الكركرية عن طريق توزيع مريديها على أهالي منطقة KAKAL بمحافظة Maguindanao والتي توجت بحفل غذاء جماعي أدخل الفرح وأظهر سبل تحقيق السعادة الاجتماعية , اليوم تتوفق الزاوية الكركرية عن طريق ممثليها في أراضي الفلبين بمنطقة KAKAL بخلق فرحتين , تمثل الأولى في التبرع على أهالي القرية بجاموس الماء )الكاراباو( المعروف بقدرته الهائلة على تحمل جهد الأعمال الزراعية وخاصة منها زراعة الأرز, الأمر الذي سيفتح لهم بابًا من أبواب الاستقلال الذاتي الغذائي والمالي . كما تجلت الفرحة الثانية في تمكين صاحب الجاموس المائي من تزويج ابنه البكر بعد تحصيله ثمن واجبات حفل العرس والذي رسم سعادة اجتماعي غطت متمنيات الحياة البسيطة لأهالي المنطقة حسب أعرافهم الآسيوية العتيقة .
يأتي هذا المنهج التربوي للزاوية الكركرية متماشيا مع الحسّ العرفاني للسالك اتجاه إحاطته الوجودية , فحيثما وجد المريد ألزمت سريرته طينته مراقبة الخلق ببذل الإحسان على قدر التوجه للحق , وهذا من أساسيات الطريق إلى الله بمقام المشاهدة . تأدّبا مع حضرة الخالق و تتبعا لسنة سيد الخلائق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا وحالا.
كما نفيدكم علمًا أن الزاوية الكركرية توصلت برسائل الشكر والتقدير في حقها و باسم شيخها سيدي محمد فوزي الكركري قدس الله سره على ما بذلته بمريديها الذين أعطت بهم دروسا في التآخي والمحبّة والتآزر الذي يدعوا إليه ديننا الإسلامي الحنيف سلوكًا عمليا جسدوا فيه المنافسة الموعودة في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ”الخَلقُ كُلُّهُم عِيَالُ الله ، وأحبُّ الخلقِ إلى اللَّهِ أنفعُهم لعيالِهِ” , فحصلوا حسن الفهم عن الحق وجميل السيرة في الخلق , الشيء الذي يعزز رهان نجاح التربية الدينية الصوفية في دمج الفرد في المجتمع وتحقيق المصاهرة الإيجابية عن وعي ذاتي مبني على المحبة وحسن المباذلة لخير الأمة.